البوابة التعريفية بمشروع إحياء نظام تربوي أصيل
التأصيل الحضاري للتربية
- حرص مشروع “إحياء نظام تربوي أصيل” منذ انطلاقه على أن يحدد لنفسه طبيعةً وموقعًا ومقومات تميّزه في المجال التربوي التعليمي بخصوصية تحويل التربية إلى اقتدار حضاري، مستحضرًا – أول ما يستحضر – تاريخ الشهود الحضاري للأمة وعلاقته بالتربية بالمقارنة مع واقع الأمة وأنظمة التربية العربية الراهنة. بهذا الاختيار الصعب يسعى المشروع إلى الاستجابة للتحدي التربوي الراهن، وذلك بالعمل على تأسيس نظام مؤسسي يكون “مدرسةً للأصالة التربوية الإحيائية” بكل ما يعنيه مصطلح المدرسة من اشتراك في الأفكار وأبرز الأعمال والأساليب نتيجة أصل نظري جامع ورؤية خاصة ناظمة ينفرد بها المشروع في مضمونه وغاياته ووسائله وآثاره المرجوّة.
- اعتماد هذا الاختيار بجدواه الحضارية استلزم من المشروع وعيًا متأكدًا بما يواجهه من تحديات جمـّة عليه أن ينازلها ويُغالبها ببدائل نوعية في المنهجية والتنظيم والوسائل. يحصل هذا في زمن العولمة الصعب وعالَم ما بعد الحداثة المعقّد، مع ما يخوضه تاريخ منطقتنا من عوائق وفرص تجعل مشروع إحياء الأصالة التربوية ضربة لازب.
- مما وعاه المشروع أن جُل التقارير التي أعدتها المنظمات الأممية المختصة المتعلقة بـ “المعضلة التربوية” العربية تلحّ على خطورة الواقع التربوي وعلى ضرورة معالجته. ما يتكشّف عنه الواقع التربوي العربي يُثبت حالةَ أميّةٍ أساسية وثقافية، وعجزًا عن إنتاج المعرفة بمختلف مستوياتها، وعن نكوص في استنهاض منظومات قيمية تحقق دافعية تحصيل المعرفة وإنتاجها والارتقاء الفكري المطلوب لانبعاث ثقافي فذّ.
- استدعى هذا الوضع المتردّي ضرورة إمعان النظر وإعمال الفكر في استكناه السبل الكفيلة بإبداع نظام تربوي قادر على استعادة وظيفة المؤسسة التربوية الأصيلة بوصفها بوابة التمكين الحضاري للأمة ومنطلق ريادتها عالميًا. باعتماد هذه الأطروحة الإبداعية انبرى المشروع ليواجه تحدي القصور التربوي وبيان طبيعته وجذوره وطرق مقاربته تحليلًا ومعالجةً.
- بذلك تَجهر وثائق المشروع بأبرز مسوغات قيام نظام تربوي فريد ومدرك أن الإخفاق الذي آلت إليه عموم الجهود العربية في المجال التربوي يتطلب إقامة مشروع بحمولة فكرية أصيلة مُثبـَتـَة بصورة علمية مصاغة في نظرية قابلة للتطبيق. مقتضى هذا رؤيةٌ تربوية ذات علاقة عضوية بالحضارة بأبعادها الكبرى المُختزِلة لدلالة الأصالة في تشرُّبها خصوصيات الثقافة المميزة والتربية التراثية وفي استحضارٍ للفكر التربوي الحديث إثراءً للخصوصية التربوية الأصيلة.
- بهذه المعالجة أقرّ المشروع ضرورة تخطّي العمل الاستنساخي الإصلاحي المعيد لإنتاج الأفكار والنماذج. منتهى هذه الرؤية إرساء فكر مؤسسيٍّ ملتزم بمشروع تحقيق الذات بنموذج تعليمي تربوي بخاصية عربية-إسلامية وآفاق إنسانية تمكـّن من استعادة المبادرة التاريخية حضاريًا بمتطلباتها الفكرية والاجتماعية والأخلاقية.
- صميم توجه المشروع التزامٌ بـالحضور الذكيّ للهُوية المتعيّن في نظام تربوي راقٍ الأساسُ فيه أن تغيير حال الأمة موصول بمكانتها في موكب التقدم القيمي بوضع تعليمي قادر على تجاوز المعضلة التربوية بما يقيم مؤسسة تولِّد التميّز الفردي للمتعلم والفاعلية المبدعة في المجتمع.
نحو وعيٍ مركّب لحَـلّ المعضلة التربوية
- كيف يتأتّى لمن يطّلع على الوثائق الأولى لمشروع “إحياء نظام تربوي أصيل” ألا يتوقف عندها مُقدِّرًا ومتابعًا ومستزيدًا من الفهم والتمعن؟ هذا ما عبر عنه بلسان المقال أو بلسان الحال الخبراء والباحثون الذين تواصلت معهم إدارة المشروع[1].
- فكيف استجاب الباحثون لوثائق الاستكتاب التي توصلوا بها من إدارة المشروع؟ وأية إضافات تمكّنت الأبحاث من تقديمها في مواجهة التحدي التربوي في مستوييه التنظيري والعملي؟ ثم إلى أي حدٍّ تمثّلت الأبحاثُ المقترحة الطبيعةَ المميزة المطلوب التركيز عليها في أن غائية المشروع تحويلُ المجال التربوي التعليمي إلى اقتدار حضاري؟
- منذ الاستجابات الأولى التي توصّل بها المشروع بما اشتملت عليه من خطط بحثية وما تلتها من مناقشات ولقاءات تشاورية تبيّن أن المترشحين للإسهام في أعمال استجلاء “نظرية لنظام تربوي أصيل” يلتقون على مسائل ويتباينون في أخرى. شكّل هذا العامل عنصرًا حافزًا على التعاون معهم بمواصلة التفاكر فيما قدّموه ومزيد التساؤل توسيعًا للرؤية وتسديدًا للوجهة.
- ثلاث نقاط حققت اتفاق الباحثين في المراحل الأولى بما يسَّر التفاعل معهم من أجل توسيع مجال إضافات بينية:
- إقرارٌ باستفحال المعضلة التربوية في العالم العربي.
- تأكيدٌ على ضرورة مراجعات الواقع التربوي القائم بمكوناته المختلفة.
- ثقةٌ في إمكان التوصّل إلى حلٍّ ناجع ونوعيٍ أصيل ومبدع في آن.
غذّى هذا الوعي الجمعي اعتبار أن الخلل الحاصل اليوم في أدائنا العلمي التربوي لا صلة له بروح الثقافة الإسلامية الإحيائية التي تولدت عنها أصالة تربوية أبدعت قرونًا مديدة.
- إضافة إلى هذا الاتفاق الأولي قدّمت مجموعة من أبحاث المستكتبين لصالح المشروع تنوُّعًا مُثرِيًا عند تشخيص المعضلة القائمة في تحديد خصائصها ومظاهرها وتجلياتها وفي علاقتها باحتياجات المجتمعات العربية الحالية وبما تقتضيه طبيعة العصر وتوجهاته التربوية والتعليمية والثقافية. يكتسي هذا التنوّع أهمية بالغة عمل المشروع على تثمينها والسعي لإثرائها؛ لصلتها الوثيقة بـأساس من أسس الفلسفة التربوية القرآنية القائمة على الاستخلاف والتكريم والتنوع والشهود الحضاري.
- هذا ما دعا إدارة المشروع إلى مزيد الحرص في تسديد أعمال الباحثين بإصدار نصوص توضيحية متتالية وبتكثيف اللقاءات التفاكرية، مع ثلة من الخبراء[2] والباحثين، الكاشفة عن أسباب المعضلة التربوية في تعددها وفي تركيبها بما يشكّل موضوع فرضية إمكانِ الخروج منها. ذلك أن هذا الخروج من المعضلة يتجاوز مجرد رصد الأسباب في جزئياتها وتفاصيلها الدقيقة إلى التمكّن من مقاربة تركيبية لها تتيح توليد الفرضية المركزية المؤدية لاستجلاء “نظرية لنظام تربوي أصيل” للمشروع.
- لبلوغ درجة من الوعي المركَّب التوليفي المتخطّي لمجرد ما هو مُدرَكٌ في بادئ رأي كل باحث فيما انحصر في مداركه ومعهوداته، واصل المشروع تثمين ما استقر لديه من أبحاث والعمل على تسديدها ترسيخًا لهذا الوعي الخاص. لذلك أصدرت إدارة المشروع وثيقة موجِّهة بعنوان: “الخيط الناظم الموحد المعتمد للأبحاث”، ثم أردفته بمستخلص منها؛ لتحقيق التكامل بين الخطط البحثية ومن نصوص تالية تكون أقدر على التوصل إلى الأساس النظري والنظام التطبيقي المطلوب للمشروع التربوي.
- ركّزت وثيقة “الخيط الناظم” على أن النظربة التربوية التي ينبغي أن تكون نصب أعين الباحثين تتمثل في نسق من المفاهيم والمبادئ والقواعد المفعِّلة لخصوصيتنا الثقافية بما يؤسس لخيار تربوي غايته الإسهام الفعّال في تحقيق الشهود الحضاري للأمة.
على ذلك صارت دروب التربية الأصيلة المنشودة لا تقتصر على إصلاح التعليم للحصول على معارف ومهارات وخبرات مؤدية إلى النجاح الفردي في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والاتصالية القائمة فحسب.
- المنشود في المشروع هو وعي مُركَّب يتعدّى إشكال البحوث المقدمة من المستكتبين في أن غالبها – وإن لم يتقيد بالمنظور التخصصي الفردي المحدود للتحصيل العلمي – قد ظل مكتفيًا بالخصوصية الدقيقة لتجربة الباحث وخبرته المعرفية والمنهجية. فمقصود المشروع وعي مُركبٌ، يَعبُر ويصهر الفوارق الخاصة لرؤية الأبحاث (الجوانب النظرية العامة والممارسات التاريخية والتجارب المعاصرة للنظم التربوية الأصيلة) مُرسيًا بها التغيير الموجِه للمتعلم ليصبح فردًا مجتمعيًا قائمًا بالشهود الحضاري باعتباره غائية الأفقِ الإشكالي للأصالة التربوية.
- من إضافات الأبحاث المقدمة ومن حدودها وبمساعي المشروع في تفعيل وعي توليفي مميز تحددت مقومات التربية الأصيلة الإحيائية في أربع درجات: (1) تنشئة الفرد المجتمعي، (2) الناجح في تمثل المعارف والخبرات والمهارات في مجالات الحياة المختلفة، (3) ضمن نسق حامل لـرؤية أصيلة إحيائية للعالَم والإنسان والحياة (4) بما يمكّن من اكتشاف المتعلم لذاته محققًا ارتقاءها المتوازن المدرك لمعنى الحياة وسنن الكون فيها وفي من حولها.
ما الخصائص المنهجية لمدرسة الأصالة الإحيائية؟
- بتواصل العمل مع الباحثين تبين لإدارة المشروع أن أعمالهم، على أهمية ما قدمته من عناصر الكفاءة المعرفية والخبرة التربوية والقدرة التحليلية، فإنها باختلاف مواضيعها ومناهجها ونتائجها ظلت تتطلب التسديد المنهجي البنائي بين ما يجمع بينها وما يؤهل المشروع لبلوغ الطور المؤسسي المميز.
- اقتضى هذا جهودًا – من قبل إدارة المشروع والخبراء – للمواءمة البينية التي تحتفظ بالمتفرِّق في الأبحاث باقتطاعه بما يمكّن من نسج توليفي مركّب. لقد انتهى الوضع في هذه المرحلة من تقدم أعمال المشروع إلى محاذاة تطويرية في ورشات تشاورية نقدية للأبحاث أدّت إلى قدر من التقارب غير المكتمل الذي يمكن تجسيده في الرسم التوضيحي التالي:

- بهذا يكون المشروع قد قطع مرحلة تحددت عندها المفاصل الأساسية اللازم تركيزها لسد الشغورات بحيث يتراءى تكامل مقاطع المكوّن القاعدي التي يستقيم بها المشروع على موضِع مؤسس لـمقومات التربية الأصيلة الإحيائية. هذا ما محّض المشروع إلى تحفيز الباحثين إلى اعتماد خصائص المشروع المتمثلة في “الركائز المنهجية لبنيته المعرفية” و”الموجهات المنهجية الكبرى للمشروع” و”منظومة المفاهيم المفتاحية المؤسسة له“ والمستوى المميز لها في النظر والنقد تأسيسًا لنموذج تربوي متميز.
هو منهج تكون به “مدرسة الأصالة” بوتقة انصهار للخبرات التربوية والكفاءات المعرفية والفكرية الصانعة لنموذج تربوي قادر على إحداث تراشح بين المنجز التاريخي والواقع القائم ومتطلبات العصر بـتربية جديدة وبناء قيمي ومؤسسي وفق ما تقتضيه المعاصرة في ميزان الأصالة.
- عند تفصيل هذه الخصائص المنهجية تبرز تكاملية عناصرها المحورية الثلاثة: أولها التوصّل إلى حلّ للمعضلة التربوية، ثانيها بيان وجهة استجلاء نظرية لنظام تربوي أصيل، ثالثها معالم نموذج يصوغ الثقافة الخاصة بقيمها الكبرى وخبرتها التاريخية ورؤيتها للإنسان والمعرفة والتربية.

اتضح في العنصر المحوري الأول أن الخروج من المعضلة التربوية يستدعي معرفةً لأسبابها المختلفة وما يتوارى وراءها من مبدإ صميم يمثّل مع الأسباب الفرعية إحالةً على الفرضية المركزية للمشروع التي تقيم تلازمًا بين الأصالة التربوية وبين الشهود الحضاري المبدع.
ما توصّل إليه التدقيق هو أن مظاهر المعضلة تكشف طبيعتَها الإشكالية. هي طبيعةٌ مُركَبة من عدة مكونات يتعيّن أولها في المُخرجات السلبية المستفحلة التي تنتهي إليها “مؤسسة تربوية” لا تتوفق في تحقيق الغايات والأهداف المرسومة لها.
- أخطر ما في هذا المكوّن يجعل العجز عن تحقيق الأهداف المرسومة للمؤسسة لا يقتصر على المتعلمين. إنه يتوسع ليتجاوز عموم الفاعلين التربويين مستهدفًا، تبعًا لذلك، الفاعلين الاجتماعيين ومُفضيًا إلى أزمات وأعطاب بعيدة المدى. هي سلسلة استتباعات فكرية وعلمية، اقتصادية واجتماعية تؤدي إلى إنهاكٍ مستشرٍ مفاعيلُه تبعيةٌ مزمنةٌ وفقرٌ متواصلٌ وارتفاعٌ لمعدلات الطلاق وارتفاعٌ لنسب الجريمة أو الانتحار…. إلخ.
يفضي تشخيص المعضلة التربوية على هذا النحو التركيبي التتابعي إلى أنها، من جهة، مولِّدةٌ لجملة من المعوقات الكبرى كالأمية الوظيفية والحضارية والمعاناة والبطالة لكن الأهم، أنها، من جهة أخرى، صنيعة النموذج التربوي المُستجلب من الخارج والذي نُزِّل في غير سياقه الثقافي والاجتماعي والقيمي بما لم يمكّنه من تحقيق أهدافه المختلفة.
- حل المعضلة التربوية في طبيعتها الإشكالية تنتهي إلى أن أبعادها التعليمية والاجتماعية والحضارية لا يمكن أن ينفصل عن السياق الثقافي الخاص الذي ينبغي استحضار أصالتِه في تجذّر منظومة قيم الفعالية المبدعة، وبتمثّل للتجارب التاريخية المثمرة ضمن السياق العلمي والفكري البشري ومتطلباته المادية والقيادية.
عند هذا الحد وطّد القائمون على المشروع جهودهم التوجيهية بالعمل على أن المواءمة بين أعمال الباحثين ينبغي أن ترقى إلى مستوى التراشح التفاعلي القادر على حل المعضلة التربوية وفق طبيعتها المركبة والمتمددة. لذلك حُررت وثيقة “نحو تمثّل أفضل لاحتياجات المشروع وغاياته” تدعو الباحثين المستَكتَبين للحرص على المقوّم المحوري الثاني لتطوير نظرية لنظام تربوي متكامل.
- ما سعى إليه المشروع في هذا الخصوص هو ترجمة مهارات الباحثين التربوية وإجادتاهم البحثية إلى منظور فكري مُؤهَّلٍ لفهم المشهد التربوي وتفسيره في واقعه وماضيه وفيما يُسهم في إرساء المقومات الجديدة لما ينبغي إنشاؤه في “مدرسة الأصالة التربوية الإحيائية”.
بالوقوف على ما تتطلبه المعضلة التربوية من معالجة مُركَّبة؛ يزاول عنصر تطوير “نظرية نظام تربوي متكامل” حركة دائبة تتخطّى عوامل الركود والرتابة المؤذنة بعودة المعضلة من جديد. بذلك يكون عنصرُ تطوير نظرية تربوية إحيائية أشبه بحركة عقرب الثواني في الساعة في تصدّيها للركون المتربص لكون المنظومة التربوية الإحيائية ذات طابع علائقي متحوّل لا يفتر.

نحو تأسيس للنموذج التربوي الأصيل الفاعل
- تتحدد الأهمية الحيوية للعنصر المحوري الثاني – السابق ذكره، والخاص بتطوير نظرية لنظام تربوي متكامل – في حركته المنتظمة الناجمة عن رؤية موضوعية نقدية وتماسك بنائي يتخطّى به المشروع المقاربات الإصلاحية الجزئية القاصرة. يستمد هذا العنصر أهميته البالغة لكونه يمثل الضمانة اللازمة لحل المعضلة التربوية القائمة في السياق العربي بصورة حقيقية. ذلك أن عنصر تطوير نظرية نظام تربوي يمتلك ديناميكيته المعدّلة للمشهد التربوي فيما يتطلبه من توازن دقيق ونموّ ضروري. هذا من جهة، لكنه يتمتع، من جهة ثانية، بطاقة استتباعية فاعلة في العنصر المحوري الثالث الخاص بالنموذج التربوي المميز.
- تُغذِّي هذه الخصوصية المزدوجة والحاسمة أربعة شروط متضافرة يأخذ بعضها برقاب بعض. أوّلها: جَعلُ المشروع خيارًا موجَّهًا لكل الأمة، بجميع فئاتها وأطيافها وبمختلف مكوناتها الفئوية والجهوية.
ثاني الشروط اللازمة لبلوغ قاعدة نظرية فاعلة هو فهم عميق لطبيعة المنطقة وما تواجهه من تحديات ومصاعب ثقافية–تاريخية وفكرية–علمية.
ثالث شروط تطوير نظرية تربوية أصيلة يتطلب فهما دقيقا للعصر في خصائصه ومتطلباته وللمستقبل وإشكالاته.
ويكتمل النسق الشَرطي الداعم لهذا التطوير في شبكة من المفاهيم والمبادئ المفعِّلة للخصوصية الثقافية بما يركّز المجال الدلالي للمشروع.
- محصلة هذه الشروط تجعل المقوِّمَ النظري المطلوبَ تطويرُه مُتعينًا في تعبيره الثقافي والفكري والعلمي ومن ثَمّ العمراني بما يُجلّى خصوصية مدرسة الأصالة التربوية الإحيائية. هو بذلك يتخطّى الصدوع التي أصابت الهُوية الجامعة فأعجزتها عن التطور الحيوي المُغتَني باختلاف الآراء والحريص على النقاش والتفاكر والتنافذ.
في مستوى أوسع يتراجع الخلل البنيوي الذي فصل الهُوية الجامعة عن عصرها ومقتضياته وعن ماضيها بخصائصه الفكرية والتاريخية والتواصلية. عندئذ يكتسب المقوم النظري طاقةً تَمَثُــليّة لمفهوم الإحياء كما يعتمدها المشروع ليُعيد بها تركيب الخبرات التربوية والخصائص الفكرية والثقافية والحضارية وفق مقتضيات المعاصرة في فاعلية مميزة لما تنتجه في المستويين النظري والإجرائي.
- عند هذا الحد يتجلى العنصر المحوري الثالث الذي دأب المشروع يؤكد على أن صميم الدراسات ينبغي أن تتجه إلى الاعتناء به، أيًا كان مدخلها البحثي، ببناء نموذج لنظام تربوي أصيل قابل للتطبيق. هذا ما ذكّرت به وثيقة “نحو تمثل أفضل لاحتياجات المشروع وغاياته” حين نصّت على أن غاية المشروع “إيجاد نظام تعليمي تربوي أصيل شامل ومتكامل وراق ومفصّل قابل لأن يُطبَّق في هذا العصر على أرض الواقع ويحيا وينمو ويتطور وينتشر”.
تعود أهمية هذه العناية إلى أنّ بنائية المشروع وصلابته وجدّته إنما تكمن في الخاصية التوليدية لمنهجيته حيث تعتبر العناصر المحورية الثلاثة (حلّ المعضلة – تطوير نظرية تربوية – نظام قابل للتطبيق) هي حلقات تترابط في تراتب وظيفي يكتسب كل عنصر قيمته الفاعلة بالذي يليه.
- أساس هذه العلاقة التلازميّة بين العناصر المحورية الثلاثة الخاصيةُ المنهجية المعتَمَدة في المشروع بما يجسّد خصوصية المكون القاعدي للأصالة التربوية كونها ذات طابع إشكالي يجعل إعادة طرح الأسئلة بصورة متجددة جراء نمو الفكر وتحوّل الواقع المحلّي والإنساني.
هذا ما يجعل مدرسة التربية الأصيلة الإحيائية متميزة بسمات تكوينية يؤسسها نموذج:
- استخلافي واع ومتمثل للبعد الرسالي للإنسان والعلم والتربية.
- تواصلي يعيد توازن شخصية المتعلم بفاعلية قيمية إيجابية.
- بنائي ممتلك لحكمة الماضي وفرادته دون اجترار له.
- مؤسسي معتمد هيئةً وظيفية ونظامًا مستقلًا بدلالة اجتماعية.
- تثاقفي بمؤهِل علمي – خلقي – فكري لمواجهة قضايا العصر الكبرى.
بهذه السمات الخمس يحقق النموذج الأصيل شرطَه الحضاري المستقل بإحرازه الميزة الجامعة بين التواصل والتجاوز في آن واحد وهي الميزة التي تُغني النموذج بتبادلية الأصالةِ التربوية والمعاصرة الحضارية.
- في ضوء هذه السمات المؤسسة تتحدد طبيعة النموذج التربوي الأصيل في أداء ارتقائي تدريجي مستديم لمساقاته الكبرى المتلاحمة:
مساق علمي متمثل في وسائل فعّالة تعتمد مفهوم التعلم عبر الفعل بتناغم بين العلم والعمل مستحضر للتجارب الإنسانية المنتجة لعلماء مبدعين في حقول المعرفة.
مساق تربوي يُعدّ الإنسان المتعدد المهام والقدرات المتشرب لثقافته الخاصة بقيمها الكبرى ورؤيتها للإنسان والمعرفة بما يجعله رياديًا في شخصيته ومكانته المجتمعية.
مساق حضاري يواكب العصر بمقتضيات التحرر من إكراهات التبعية في الفكر والسلوك وما تتطلبه المعضلات الحضارية الكبرى من حلول تستلزم التخصصات البينية.
منتهى هذه المقاربة البنائية للنموذج التربوي الأصيل الإحيائي تتحدد في تعزيز مقومات الشهود الحضاري لنظام مؤسسي شامل في رؤيته لكامل مراحل التعليم ومتميز في لغته وقيمه ووظيفته المجتمعية وخطته الاستراتيجية لتأهيل المعلم والمتعلم والمشرف إدارةً ووعيًا وسلوكًا.
نحو استراتيجية إعادة بناء الخطاب التربوي
- ما انتهت إليه خصائص النموذج المزمع إنشاؤه لنظام تعليمي أصيل هو أنه نموذج يُجَلّي النظرية التربوية المنشودة في المشروع على اعتبار أن صقل شخصية المتعلم لا بد أن تتناسب مع عقيدة الأمة وثقافتها وقيمها ومنطقها ووظيفتها المجتمعية. ظهير هذه المُسلَّمة الأولى متعيّن في ضرورة بناء النموذج الأصيل الفعّال بـالاستفادة من النماذج الحديثة والتعرّف على أبرز الاتجاهات المعاصرة للأنظمة التربوية.
معنى ذلك أن نقطة ارتكاز النموذج التربوي الأصيل تتحدد في قدرته على تحقيق تفاعل مستمر بين الأصالة والمعاصرة التربويتين بحيث يساهم كل طرف في مزيد تشكيل الآخر وارتقائه. فلا تنشأ أصالة تربوية فاعلة مُثرية دون معاصرة واعية بالخصائص التربوية الأصيلة ولا معاصرة غنية بإنسانيتها دون أصالة قادرة على إعادة بناء منظومتها الثقافية بما يجعلها منتجة للحلول المستجدة.
- بناء على هذين الاعتبارين المتلازمين يكون السؤال المطروح متعلقًا بالاستراتيجية اللازم اعتمادها للتمكّن من التركيب بين هاتين المُسَلَّمَتَين؟
إنه سؤال الاستراتيجية المطلوبة والخطاب اللذين تقتضيانه المدرسة التربوية الأصيلة الإحيائية. الواضح أنهاالمحققة تغييرًا جذريًا يعتمد رؤية توحّد المساقات التي تشكّل تلاحم الأهداف الكبرى للمشروع.
أول مقومات هذه الاستراتيجية أنها، وهي تعيد بناء النظام التربوي الجديد، إنما تقوم بتطوير نوعي لرؤيته الخاصة للعالَم والإنسان والقيم جراء ضرورة حلّ المعضلة التربوية القائمة وبنقد المشهد التعلّمي الحديث في تغيراته السريعة ومتطلباته المتطورة والتي لا تُلقي بالا للأساس الثقافي والحضاري للتعليم.
هي لذلك استراتيجية ارتقاء نوعي مختلف جذريًا عن استراتيجية السلطة أو السيطرة نظرًا لما يتسم به المعلم أو المدرس أو المشرف من سمات منسق الشراكة فيما يعرضه أو يقترحه في الأجزاء التعليمية أو التنشيطية أو البحثية أو التواصلية.
- ذلك ما يجعل المقوم الثاني لاستراتيجية إعادة البناء موصولة بالمقوم السابق في تغيير مفهوم التعليم والتعلم على قاعدة التفاعل المعرفي الاجتماعي والثقافي ذي الطابع التدريجي التكاملي الذي يمكّن من بناء المعارف ذاتيًا.
تبعًا لذلك فإن المقوّم الثالث لاستراتيجية إعادة البناء تتطلب تهيئة مناخ تلتحم فيه المساقات العلمية والتربوية والحضارية بما يجعل عملية التعلم إسهامًا في بناء وعي متجدد شهودي يثمِّن الحياة بـتنشئة الفرد المجتمعي الضالع في ترسيخ معانيها وتوسيع دلالاتها الإجرائية.
لكل هذه المقومات فإن استراتيجية إعادة بناء الخطاب التربوي تستحضر دخول مجتمعاتنا مرحلة جديدة تتطلب مواكبة حركة الأجيال وتطوّر الأفكار وطبيعة نمو المؤسسات.
مقتضى هذا، استراتيجيًا، وضع سياسات كبرى للمشروع بصناعة محتواه وسُلـّم قيمه ونماذجه التطبيقية وخصائصه المنظومية وأنشطته العلمية والتقنية المتخصصة لصناعة المحتوى التربوي والثقافي والديني الرقمي.
- تمهيدًا لتفصيل هذه السياسات المتأكدة تأتي في الصدارة أولوية الخطاب التربوي الذي ينبغي أن يتميز به مشروع الإحياء التجديدي للتربية الأصيلة استراتيجيًا. المقصود بالخطاب الفكرُ المتجسد في كامل مفاصل المشروع ومضامينه واختياراته ونظمه. فالخطاب يحمل وجهة نظر مختلفة مصاغة في نسيج استدلالي متضمن في المعارف المقررة والمناهج المعتمدة وسلّم القيم والمفاهيم المُتَّخذة. بذلك يمثّل الخطاب التربوي الجديد تحديًا حقيقيًا ضمن استراتيجية المشروع؛ لأنه تشبيك رقيق وثريّ يقوم في مختلف مكونات المشروع ومساقاته وأنشطته حين تُفهم في تكاملها وبعد قراءة تركيبية لها. وجه الأهمية في التوصّل لهذا النوع من الخطاب هو أنه من قبيل السهل الممتنع لتجسده الدقيق في كافة مكونات المشروع فكرًا ونظامًا ونشاطًا ولحضوره الواضح لدى القائمين على المشروع ولدى المتلقين له خاصة في انسياب ذكيّ مُقنع.
صفوة القول
- تُجمل هذه البوابة التعريفية أبرز أعمال مشروع إحياء التربية الأصيلة فيما انتهت إليه مسيرته العلمية المتواصلة لسنوات على المستويين النظري والإجرائي. في ذات الوقت، الوثيقة شهادةٌ على التفاعل المُثري للأعمال البحثية المقدمة من الباحثين وعلى التراشح العلمي التآزري المُستوعب بين إدارة المشروع والباحثين والخبراء، تسديدًا وتجويدًا، للموجِّهات التأطيرية والوثائق التعديلية.
- تركّزت جهود هذا الطور التفاعلي التآزري على استجلاء منظومة المسوغات الكبرى لقيام “مدرسة الأصالة التربوية الإحيائية” حلًّا للمعضلة التربوية القائمة واعتمادًا على خصوصية الفرضية التي ينحو إليها المشروع منهجيًا وعلميًا وحضاريًا. لذلك كانت هذه المساعي ممهورة بالطابع المِخبري الذي اتّسَم بالتداول البحثي والإنصات التفاهمي والتفاعل النقدي والتفاكر الإثرائي.
- كان ذلك طورًا للتراكم البنائي والتشكّل التدريجي بامتياز، به أمكن الانفتاح، خاصة مع تدشين هذه البوابة، على مرحلة نوعية تتحدد منها معطيات انطلاقه الفعلي بمختلف مكوناته ومؤسساته على أرض الواقع. لم يكن ممكنًا بلوغ هذه العتبة الإجرائية المفعِّلة للرؤية النظرية ونموذجها التطبيقي قبل الفراغ من إحكام حالة التخَلُّق الضرورية مع ما تتطلبه من عكوف للتفاكر والتثاقف المُنتجَيْن لواقعٍ مُتوثِّب ونظام تربوي لا يَفْتُر.
- هذا يؤكد ما وقع اعتماده في المشروع منذ انطلاق أعماله نصًّا واضحًا[3] في وثائق استهلاله المؤكِّدة على بذل أقصى درجات الحفظ لكل الوثائق وكافة البحوث والبيانات ومختلف الأعمال بتجنب إفشائها أو أي نشر أو تداول لها. الباعث على هذا التشديد المصرَّحِ به هو مراعاة مقتضيات الأمانة في العمل رعايةً لمصلحة المشروع وحماية لحقوق ملكيته الفكرية ولتجنُّب أية مساءلة قانونية. وضوح هذا الاختيار كان ناجمًا عن الخصوصية المميزة للمشروع نفسه فيما تُقدَّم له من بحوث وما تُنجز فيه من أعمال وورشات مع ما يحتاجه المشروع من تأمين لخصوصيته واحتياط من سوء اقتباس أو تشويه تسديدًا للسير ولاكتمال بناء النظام واتضاح نسقه الجامع المميز.
- بهذا يتجلّى اليوم معنى تدشين هذه المنصة البوابة التعريفية بكونها الإعلان عن الفراغ من طور التشكّل المخبري بما يوفره من مقاربات وإجابات توجزها الوثيقة هذه البوابة التعريفية إيذانًا بتدشين طورٍ آخر. لقد أرست الجهود التآزرية في التفاعل المخبري تمثّلًا لمعالم الأصالة في دلالتها التربوية التركيبية ما يسمح بقدر هام من التوسع في النظر والتعميق في البناء. ذلك كان مستوى من البحث أمَّن من المعطيات والمكونات والمفاهيم قَدرًا هامًّا من تماسكِ الرؤية المولّدة لإشكاليات جديدة وثغرات بحثية تتطلب مزيد الدرس والاستقصاء.
- هكذا يُفتح الباب مُشرعًا لإطلاق نداء ودعوة للباحثين المبدعين والخبراء النوعيين، مستقبلًا، في التواصل والتعاون قصد تأسيس الطور الجديد.
من هذا السياق يجد المُقبلون على المشروع استفادة من المعالم الكبرى المؤسسة لخصوصيته بالوثائق المعتمدة التي يحال عليها مع نصوص الباحثين الأوائل. القولُ الناظم لهذه الخصوصية يعتبر أن القصور في الفاعلية الحضارية للمجتمعات العربية يفترض حلاًّ تربويًا مُميِّزًا يُبتكَر من الاستمداد الحيّ من روح ثقافتها الأصيلة ومن التمكّن من المعاصرة فاعليةً إنسانية مشهودة.
- تدشينُ هذه البوابة التعريفية انخراطٌ في مسار انتقالي للتأسيس الفعلي الذي يُطرَح للتعاون مع الكفاءات البحثية الراغبة في التواصل والقادرة على الإثراء.
نقطة الالتقاء الجامعة بين المشروع بما توصل إليه وبين الباحثين الساعين للتعاون هو اعتبار أن المؤسسة التعليمية الأصيلة يمكن أن تبلغ مستوى التمكين والريادة شريطة التجدد المتواصل للمنظومة التعليمية والقيمية والفكرية.
- في هذا التدشين الأولي أيضًا تمكينُ كل الباحثين المشتغلين على المسائل التعليمية التربوية في البلاد العربية الإسلامية من استثمار مخزون البحوث والدراسات المقدمة لصالح المشروع وما يتيسر نشره من وثائق المشروع. شرطُ هذا الانتفاع احترام حقوق الملكية لكافة وثائق مؤسسة “دروب للتربية” وأعمالها البحثية والدراسية وذلك بالإحالة عليها عند الاستفادة منها فيما ينتجه المقتبسون في منشوراتهم ودراساتهم ومؤلفاتهم[4].
- بهذا تتعيّن الحاجة إلى الانتقال من سياق مخبري راصد للنظام التربوي الأصيل بما يشكّل معطياته النظرية ومقتضياته الإجرائية إلى السياق التطبيقي الفعلي.
مقتضى هذا التحوّل انفتاح المشروع على مستوى وضع إطار عمله الاستراتيجي المديد بالركيزتين اللازمتين اللتين لا غنى لأحداهما عن الأخرى: البحث العلمي المتواصل والدعم المادي الرافد له.
بهذا التحوّل تنطلق “دروب للتربية” (مظلة مشروع إحياء نظام تربوي أصيل) إلى الآفاق العملية الواعدة طبقا لما سجّله المشروع في وثيقة: “ملامح التصور الأولي للانتقال بالمشروع لمرحلة التطبيق الفعلي”[5]، وكما يرمز إليه شعار “دروب للتربية” بفلسفته العميقة.
- تتمثل الركيزة الأولى لهذا الانتقال الإجرائي الحيوي في إقامة “مركز دراسات التربية الأصيلة” ليكون نويّة تنزيل كامل المشروع. تفصيل هذا المجال الأول فيما تورده الوثيقة من خصائص مؤسسية بحثية متعلقة برسالة المركز وأغراضه المحورية ووسائل عمله وبنائه التنظيمي ومحطات توسع أعماله وتطورها، لتتبعه في التأسيس بعد ذلك “الكلية العليا لإعداد القيادات العالِمية للتربية الأصيلة” (نواة جامعة المشروع). ثم تأسيس “قطاع التربية الأصيلة قبل الجامعية”، بالإضافة إلى القطاعات الإسنادية اللازمة.
- في ذات الوقت وفي المجال المقابل تتأكد الركيزة الثانية التي ينفتح بها الباب لدعم أهل الخير المحسنين والمستثمرين للنهوض بالعبء الثقيل الذي يفرضه الرهان التربوي بما هو صناعة للأجيال وإرساء للذكاء الجمعي. إنها ركيزة الوقف التربوي باعتباره لازمة تحويل الفكر إلى واقع حيّ مستديم يسمح للكينونة بالاستمرار وللسيرورة بالاستقلال وللتنافس بالتصدّر. الوقفُ ضرورة ماسّة تُمليها اعتبارات العمل التربوي لكونه جهدًا مؤسسيًا طويل النفس مديد الأجل كبير الكلفة، ثم إنه يضمن للمشروع الحفاظ على الاستقلالية الكاملة التي هي ركيزة من ركائز نجاح المشروع.
- ذلك ما يشهد به تاريخنا العلمي والحضاري في الزيتونة والقرويين والأزهر وغيرها من المؤسسات التربوية الناجحة حينما تهيأت لها أسباب الاستدامة. عالمُنا المعاصر يشهد هو أيضًا بأن تنافس كبريات الجامعات والمؤسسات التربوية في العالم الحفِيِّ بالتربية يستوجب امتلاك أسباب قوتها بما يجعلها تتجه أكثر فأكثر نحو الاعتماد على الاستثمارات الوقفية.
- بالتحام هاتين الركيزتين يُشرع الباب للباحثين والمانحين الداعمين للمجال التعليمي التربوي عمومًا والمهتمين بخصوصية الأصالة الإحيائية في توجهها للاستئناف الحضاري تربويًا. مقتضى هذا تركيزٌ على مفهوم متميّز للأصالة في دلالتها المرتبطة عضويًا بمبدأ الشهادة على الناس.
- هو عين ما ينبغي تفعيله في الفكر والممارسة والتفاعل تجسيدًا لمعنى الاستخلاف وما يقتضيه من إحياء للثقافة بالعودة إلى الذات وبالرهان الحضاري للإصالة الإحيائية التي تكدح لتكتسب به صفة المرجعية الريادية التربوية.
صميم هذا الرهان الثلاثي في:
- إعادة برمجة ذكاء جيل من المعلمين والمتعلمين بالفاعلية المؤسسية الحيّة.
- الوعي بأزمة المشروع الحداثي الغربي المتأكد في أكثر من تعبير.
- الإسهام في فتح أبواب عصر مُقبل يُعيد للإنسانية بناء وحدتها خارج نظام التشظي القيمي وللمنطقة العربية الإسلامية سيطرتها على مصيرها.
والله ولي التوفيق،،،
[1] مدير المشروع المؤسس: د. محمد أبوبكر المصلح (أكاديمي قطري متخصص في الدراسات الإسلامية، وباحث في الفكر الإصلاحي والتأصيل التربوي).
المساعد القيادي ومستشار المشروع: د. إسماعيل أبوبكر المصلح (أكاديمي قطري متخصص في التربية وقيادة المؤسسات التربوية وباحث في تطوير التعليم)
[2] بالإضافة إلى الباحثين الذين استكتبتهم إدارة المشروع وتعاقدت معهم لتقديم بحوث لصالحه واستضافتهم في ورش عمل؛ قامت إدارة المشروع باستضافة ثلة من الخبراء في مراحل مختلفة من تاريخ تطور العمل على المشروع وأبرمت تعاقدات مع مجموعة منهم؛ لتستعين بهم في إثراء رؤيته الكلية وتسديد بحوثه وإحكام إنتاجه العام في المضمون والمنهج والتطبيق، على تفاوت في مدى مشاركاتهم وإسهاماتهم ومراحل عملهم في المشروع وطبيعة التعاقد أو التوافق والتعاون معهم. من أبرز هؤلاء الأساتذة الخبراء:
د. احميده النيفر، ود. طه عبد الرحمن، والشيخ الخليل النحوي، ود. عبد المجيد النجار، ود. عبد العظيم الديب، ود. نجوى غريس.
[3] – الوثيقة الرسمية لاستكتاب باحثين لصالح مشروع “إحياء نظام تربوي أصيل”
[4]– تعتمد طريقة التوثيق في الإحالات على وثائق المشروع الصيغة التالية: اسم المشروع، عنوان الوثيقة، موقع النشر، تاريخ الوثيقة.
وتكون الإحالة على بحوث المشروع بـ: اسم الكاتب، عنوان البحث، اسم المشروع، موقع النشر، تاريخ البحث.
[5] – دروب للتربية، الملف التعريفي لمشروع إحياء نظام تربوي، مرقون في 98 صفحة.