مقاربات المشروع
3- السعي للاستجابة للتحدي التربوي عبر مشروع إحياء نظام تربوي أصيل
- إن من أبرز مسوغات قيام نظام تربوي أصيل هو الوعي بأن الإخفاق الذي آلت إليه عموم الجهود العربية في المجال التربوي يتطلب إقامة مشروع بحمولة فكرية أصيلة مُثبـَتـَة بصورة علمية ومصوغة بشكل نظري قابل للتطبيق. إذ إن فقدان ذلك يجعل من المتعذر تجاوز ما تضافرت على تأكيده جل التقارير التي أعدتها المنظمات الأممية المختصة المتعلقة بالمعضلة التربوية العربية، فضلا عما هو ملحوظ من تعابير الأمية الأساسية والثقافية، ومن عجز عن إنتاج المعرفة بمختلف مستوياتها، ومن نكوص عن استنهاض منظومات قيمية تحقق دافعية لتحصيل المعرفة وإنتاجها.
- لذلك، بات من الضروري إمعان النظر وإعمال الفكر في استكناه السبل الكفيلة بإبداع نظام تربوي قادر على استعادة وظيفة المؤسسة التربوية الأصيلة بوصفها بوابة التمكين الحضاري للأمة ومنطلق ريادتها عالميا. وهذا هو التحدي الذي انبرى له هذا المشروع.
- ويستحضر المشروع، من بين ما يستحضر، طبيعة التحدي المعرفي الذي يفرضه التقدم العلمي الكبير والتطور التقني السريع في السياق الحضاري المعاصر. إذ لا مندوحة عن اعتبار أولوية التسارع المعرفي في كل تخطيط تربوي حتى يكون قادرا على التعامل مع التحديات القائمة. غير أن أهم من ذلك هو تحصيل وعي آخر، يفوقه قوة، وعي يكشف عن أولوية الاستقلال الثقافي الذي لا تتأتى بدونه تنمية الطاقات الذهنية وملكات التفكير المنهجي لدى المتعلم، فضلا عن تطوير العلوم وتقنياتها. بهذا، يضحى التكوين المعرفي المتميز بفضل التجدد الدائم للمؤسسة التربوية غير منفصل عن الوجه الآخر للمسألة المعرفية، وهو المتمثل في السند الثقافي والقيمي الذي هو مدخل ضروري لانخراط المجتمع فيه.
- بهذا الوعي المزدوج، تتحول المؤسسة التربوية من عبء مادي ومعنوي على الفرد والمجتمع، معطل لمتطلباتهما الحيوية، إلى منطلق للخروج من التبعية والاغتراب الحضاري والاستلاب العلمي والإنساني نظرا لاسترجاع فاعلية المعادلة الحضارية التي تربط عضويا بين المعرفة والتربية والتحضر ربطا عضويا.
- وإن أبرز خاصية تميز الأصالة التربوية للمشروع هي تأسيسه على بناء نظري متكامل يمكِّن الثقافة الأصلية من التفاعل المبدع والتجاوب المنتج مع التحديات والصعوبات المحدقة، إخراجا للفرد والأمة من واقع التهميش التربوي والحضاري.